كما يسرقنا الوقت .


..

لم يأخذ الأمر طابعًا جديًا في البدء كانت أشبه بنوبات وخز تتنازع على بعض أوقاتي
وغالبًا ما كانت تعرف طريقها المؤدي إليّ في الليالي الأشد هدوءًا الخاليّة حتى من فكرة مرتجلة

أطرحها حين استلقائي ومن أي سؤال قد أحاول عابثة حكّ الخيال بجناحِ حقيقةٍ
كي أشعل منهما إجابة ولو كانت ناقصة الحواف ، أو متآكلة الزوايا في الأطراف .
لكنني تنبهتُ بعد مضي أكثر ليالي الخريف أن ما يجيئني كان أمرًا لابد
أن أعيّه تمامًا و أجاهد ساعية لأنوّل نفسي ما تستطيع به صدّ الهجمات هذه*
وقد يكون مسمى الهجمات هنا أقرب لشطحةٍ ماء في وجهٍ مسطح
لن أقول أني جاهلة البّتة بكل الأسباب التي أوصلت دقّات القلب لتخاتل سمع من بقربي
فيجدّها ولا يجد طريقًا يصل لها ،
كنتُ أقول هيّ أي الدقّات العنيفة تجنح هكذا مع كل حالٍ لا تحبذّ تفتّح الذكريات فيه .
وليس المهم هذا ، هذا ليس ما عنيّته أبدًا ، وإن كان نوعًا من الخلاص الذي ينجيني حينًا
وهو خلاص فوري لا يبق ماكثًا بأي حال من الأحوال
سأعود لما بدأت به ، كلّما أرّقتني تلك المنازعات كنت أضن بنفسي من الانطراح بماهيتها
وهذا ما نفعله بادئًا مع أي شيء يلوّح غريبًّا لنا أو مما لا نستطيع حلّها هكذا نقول آسفين
أو حتّى متراخين تمامًا ، نظن أنها مع كل ذلك ستؤول لنكوص على عقبها وستنحسر بالكلية
لكن ، لا هي لم تنحسر إطلاقًا بل بدت أشد كثافةً من ضباب ، وأعتّى من جذع شجرة آيل للسقوط
كانت تنز ، تتدلى ، تتكشف ، تتهيّج ، تهصر بقايا تحمّلي كل ثانية
لذا انصعت لها في آخر الأمر ولابد ، هذه نهاية حتميّة لشدّة الإلحاح وتواصله
كنتُ أقول لنفسي ( كثر الدق يفك اللحام ) لم يكذب هذا المثل أيضًا ، لا يحق للأمثال أن تكذب
وهي تُخلص قصّة بأحداثها إلى معنىً جوهريًا يؤخذ به
والدتي دائمة القول ( الأمثال ما بقّت شيء ) ولستُ أملك حينئذ إلا القول بثقةٍ ( إيه والله صدق )
المسألة الوحيدة التي عنيت الوصول إليها بعد كل ما أصابني من جراء تفاقم حدّة مجابهتي
لكل تلك التهيجات كان أن رضخت لها راغبة ومتعمدة ، راضية ولستُ أحاول التغافل عنّ
مختلف الأصوات التي تحثني على بعضها وتحرضني من الفرار عن بعض
كان الأمر الأشق عندي هو أنها ما إن بدا لي أنني أزمعت المضي معها حتّى خف توهجها
كوجهٍ جميل يراقب شاشة تلفاز ثمّ يفاجئه انغلاقها المباغت
لماذا خفت السنا الوضاء فجأة ؟
كيف استطعت ملأ قناديل ليال الظلمة ثم ماعدّت أعرف طريقة أخرى لإضاءتها حين حال الغبش بيننا ؟
ولم يكن المكوث إلا هنيهات .
كيف لمراحل شاسعة تطوى في وقت قليل وأخرى تفاصيل دقيقة كأنما رحلة فقد السائق خريطة الوصول ؟

لا يهم لن يجيبني أحد
أنا نفسي لا أستطع أن أجيب ولو بما يسدّ الرمق فقط

 

الوجــد